مقال تفصيلي :التاريخ القديم للبوسنة والهرسك سور داورسون القديمة، في اسانيتشي بالقرب من ستولاتش في البوسنة القرن الثالث ميلادي.
يرجع تاريخ استيطان البشر في البوسنة إلى
العصر الحجري الحديث. وفي أوائل
العصر البرونزي أتى إليها أناس أكثر عدوانية من سكان العصر الحجري الحديث، ويعتقد بأنهم إيليريون وهم أوائل الأصول هندو-أوروبي ثم جاءت هجرات
السلت إليها في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد فطردوا سكانها من الشعوب الإليريينة من تلك المناطق، ولكن بقي فيها الكثير منهم مم اختلط مع القادمين الجدد. هناك نقص واضح من الأدلة في تلك الحقبة التاريخية، ولكن بشكل عام سكن تلك المنطقة أناس عديدون ممن يتكلمون لغات مختلفة. وفي بدايات سنة 229 قبل الميلاد بدأ التوتر والمشاكل تظهر ما بين الإليريون
والرومان، لكن الرومان لم يتمكنوا من استكمال ضم تلك المنطقة إلا في سنة 9 م. وفي العهد الروماني بدأ يقطن فيها ساكنين جدد من الناطقين باللاتينية من جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، وشجعوا الجنود الرومان المتقاعدين بالسكن في هذه المنطقة
[5]. في تلك الفترة كانت البوسنة جزء من
إيليريا حتى مجيء الاحتلال الروماني. وبعد تقسيم الإمبراطورية ما بين سنة 337 و395، ألحقت
دالماسيا وبانونيا بالإمبراطورية الرومانية الغربية. وهناك ادعاءات تقول بأن تلك المنطقة قد تم غزوها من قبل
القوط الشرقيون في 455م. ثم تغير حكامها لاحقا ما بين
الآلان والهون. ولم يأت القرن السادس إلا وقد غزاها الإمبراطور
جستنيان الأول وضمها
للإمبراطورية البيزنطية. وفي القرن السادس غزا
الأڤار مناطق
السلاف في
أوروبا الشرقية.
[عدل] البوسنة في العصور الوسطى (958–1463) مقال تفصيلي :مملكة البوسنة تفيرتكو الأول حكم ما بين 1353–1366 وأيضا 1367–1377 كحاكم و 1377–1391 كأول ملك للبوسنة.
تتضارب المعلومات الحديثة مع ندرتها عن الحالة السياسية في غرب البلقان خلال
بداية العصور الوسطى. فعند وصول السلاف إلى تلك المناطق جالبين معهم نظامهم الاجتماعي القبلي الذي انهار أمام النظام
الإقطاعي مع تغلغل
الفرنجة في تلك المنطقة أواخر
القرن التاسع ميلادي. وخلال تلك الفترة كان
التبشير في مناطق
السلاف الجنوبيين يجري على قدم وساق. لذا فالبوسنة فبحكم موقعها الجغرافي والتضاريسي كانت من أواخر المناطق التي اعتنقت المسيحية، مع أنها نشئت من المراكز الحضرية على طول الساحل
الدلماشي. وقد توزعت السيطرة على البوسنة خلال قرنين التاسع والعاشر ما بين إمارتي
صربيا و
كرواتيا، لكن الظروف السياسية في
أواسط العصور الوسطى التي أدت إلى المنافسة على استحواذ المنطقة ما بين
مملكة المجر والإمبراطورية البيزنطية. فبعد تبدل القوى في
القرن الثاني عشر وجدت البوسنة نفسها أنها خارج من أي سيطرة فبرزت كدولة مستقلة باسم إمارة محلية أو (بان)
[5]. أبرز أول ملك بوسني كان هو بان كولين، حكمها لمدة ثلاثة عقود ساد خلالها السلام والاستقرار في البلاد وعزز اقتصاد البلاد عن طريق المعاهدات مع
البندقية و
راجوزا. حكمه يمثل بداية لمشكلة الكنيسة البوسنية، فقد تم اتهام الطائفة المسيحية من الأهالي الأصليين بالهرطقة من كلا من
الكنيسة الرومانية و
الكنيسة الصربية. وردا للمحاولات الهنغارية في استخدام السياسة الكنسية في تلك القضية كمحاولة لإستعادة سيطرتها على البوسنة، فقد عقد كولين مجلسا لقادة الكنائس المحليين ليتخلى عما أسماه بالبدع واعتناق الكاثوليكية سنة 1203. وعلى الرغم من هذا فلا تزال الطموحات الهنغارية على البوسنة قوية حتى بعد وفاة كولين سنة 1204 بفترة طويلة، لكنها توقفت بعد محاولة فاشلة لاحتلالها سنة 1254.
ميثاق بان كولين- وهي معاهدة مع جمهورية دبروفنيك أو راجوزا. وهي محفوظة في متحف في
سانت بطرسبرغ روسيا
وبعد ذلك اتسم تاريخ البوسنة وحتى أوائل
القرن الرابع عشر بالصراع على السلطة بين عائلتين ملكيتين. وقد انتهى ذلك النزاع عندما أصبح ستيفن الثاني بان للبوسنة سنة 1322، وقد استولى على اراض كثيرة ولم يمت حتى كانت البوسنة قد تمددت واخذت مناطق من دلماشيا شمال البوسنة وغربها. وقد تبعه بالحكم ابن اخيه
تفيرتكو الأول الذي لم يستطع أن يسيطر على كامل البلاد سنة 1367 إلا بعد صراع طويل داخل الإسرة المالكة ومع الأمراء والنبلاء، وقد نصب نفسه باسم الملك ستيفن تفرتكو الأول ملك راسكا والبوسنة ودلماشيا وكرواتيا و
ساحل البحر. وبعد وفاة تفيرتكو الأول سنة 1391 تراجعت البوسنة وبدأ الضعف يدب بها، وفي المقابل بدأت
الدولة العثمانية بالصعود واستولت على
أراض في أوروبا وإن كانت تمثل تهديدا خطيرا على
البلقان بداية من النصف الأول
للقرن الخامس عشر. حتى تم الاستيلاء على البوسنة في 1463م وتبعتها الهرسك في 1482م.
[عدل] البوسنة في فترة الحكم العثماني مقال تفصيلي :تاريخ البوسنة والهرسك (1463-1878) مقاطعة البوسنة العثمانية في القرن السابع عشر
اتسمت الفتوحات العثمانية للبوسنة والهرسك بظهور عهد جديد في تاريخ تلك الدولة وحدوث تغييرات جذرية في الوضع السياسي والمشهد الثقافي في المنطقة. مع أن العثمانيون أنهوا تلك المملكة وقضوا على الكثير من الأمراء، إلا أنهم سمحوا للبوسنة بالحفاظ على هويتها عن طريق إدراجها كمقاطعة لا تتجزأ من الإمبراطورية العثمانية مع البقاء على اسمها التاريخي وسلامة أراضيها — وهي حالة فريدة من بين دول البلقان التي خضعت لهم
[6]. تمكن العثمانيون من أدخال عددا من التغييرات في الإدارة الاجتماعية والسياسية في
سنجق (لاحقا سميت
ولاية) البوسنة؛ من ضمنها نظام تملك الأراضي الجديدة، وإعادة تنظيم الوحدات الإدارية، وأدخلوا أيضا نظام معقد من التمايز الاجتماعي حسب الانتماء الطبقي والديني
[5]. وكان تأثير القرون الأربع من حكم العثمانيون بالغ الأثر على تركيبة سكان البوسنة، والتي تغيرت مرات عدة نتيجة للفتوحات الجديدة للدولة العثمانية وحروبها المتكررة مع قوى أوروبية والهجرات والأوبئة. فالطائفة المسلمة ذات الأصول السلافية أضحت بالنهاية من أكبر الطوائف العرقية والدينية، وذلك نتيجة للارتفاع التدريجي في عدد الذين
أسلموا[7]. وخلال أواخر القرن الخامس عشر أتت أعداد كبيرة من
يهود سفارديون بعد
طردهم من اسبانيا. كما شهدت الطوائف المسيحية البوسنية تغييرات كبيرة. فالبوسنيون الفرانسيسكان (السكان
الكاثوليك بشكل عام) كانوا تحت حماية فرمان رسمي من الباب العالي. وطائفة
الأرثوذكس في البوسنة - وكانت متقوقعة في الهرسك و
درينا - فقد انتشروا في جميع أنحاء البلاد خلال تلك الحقبة وشهدوا بعض الازدهار حتى القرن التاسع عشر. وفي تلك الفترة اختفت الكنيسة البوسنية المنشقة تماما
[5]. عندما نمت الدولة العثمانية وتوسعت داخل أوربا الوسطى، خفف ذلك من الضغط على البوسنة كولاية حدودية، وشهدت نموا وازدهارا لفترات طويلة. وظهرت فيها مدن جديدة
كسراييفو و
موستار التي أضحت من كبريات المراكز التجارية والحضرية في المنطقة. وقد شيد العديد من السلاطين والحكام المحليين الكثير من الأبنية المهمة من العمارة البوسنية داخل تلك المدن (مثل جسر ستاري موست ومسجد غازی خسرو بیگ). بالإضافة إلى أن العديد من البوسنيين لعبوا أدوارا مؤثرة في الثقافة العثمانية و
تاريخها السياسي خلال تلك الحقبة
[6]. فالجنود البوسنيين شكلوا جزءا كبيرا في التشكيلات العسكرية العثمانية في معركتي
موهاج و
كربافا، وكان لهما فيها نصرا عسكريا مؤزرا، في حين أن العديد منهم ارتقوا في المراتب العسكرية ونالوا مناصب عليا في الدولة العثمانية كقواد الأساطيل وأمراء جيوش ووزراء. والكثير منهم كان لهم تأثير على الثقافة العثمانية، كالصوفية والعلماء والشعراء بلغات تركية وعربية وفارسية
[7]. لكن مع أواخر القرن السابع عشر بدأت المشاكل تحاصر الجيوش العثمانية، وظهرت نتائج
الحروب العثمانية الكبرى في معاهدة كارلوفيتز سنة 1699 والتي قلصت الحدود العثمانية وصار سنجق البوسنة مقاطعة على الحدود الغربية للدولة. ثم شهدت المئة سنة التالية المزيد من الهزائم العسكرية، وتفشي الطاعون واندلاع الثورات داخل البوسنة. فمحاولات الباب العالي
لتحديث الدولة وتطويرها قوبل بعداء شديد في البوسنة، حيث وقفت الأسر الاستقراطية في المنطقة حائلا دون حدوث الإصلاحات المقترحة خوفا من فقدان إمتيازاتهم. وقد تراكمت هذه مع خيبة الأمل من التنازلات السياسية التي أعطيت للدويلات المسيحية الناشئة في شرق البلاد، وتوجت بالتمرد الشهير (وإن فشل في نهاية المطاف) الذي قاده حسين كراداسفيتش سنة 1831
[7]. ولم تمض سنة 1850 حتى تم اخماد باقي الثورات الأخرى، ولكن الوضع استمر في التدهور. فاندلعت إضطرابات المزارعين التي اشعلت ثورة الهرسكيون، وهي انتفاضة واسعة النطاق للفلاحين سنة 1875. وسرعان ماتطور هذا النزاع لتدخل به العديد من دول البلقان والقوى العظمى، مما أجبر العثمانيون في نهاية المطاف بالتنازل عن إدارة البلد إلى
النمساوية المجرية عن طريق
معاهدة برلين سنة 1878
[5].